يبدو أن الحرب التي آذن بها الله عز وجل كل من يعادية ويعادي دينة قد بدأت في أوربا – هكذا يرى أصحاب الديانة من أهل أمتنا.
وإذا كانت تلك هي الحالة فعلاً أم لا فلنا وقفة أمام انخفاض منسوب المياة في نهر الراين في ألمانيا خصوصاً, ومستويات الأنهار في أوربا عموماً.
فمنذ زيادة مظاهر التغير المناخي وقد لاحظنا مناطقاً عديدة في العالم بدأت تعاني من الجفاف – وهو الذي سوف يؤثر بشكل حاد ليس في الحد المسموح به للأفراد في استهلاك المياة وحسب
بل وأيضاً في عمليات الري و التصنيع والأهم من ذلك هو التأثير المباشر على حركة التجارة الداخلية والدولية وارتفاع الأسعار الجنوني المنتظر.
نأخذ نهر الراين مثالاً- حيث يمر به سنوياً ما قيمته 80 مليار يورو من البضائع – بواقع 1 طن من البضائع لكل مقيم في الاتحاد الأوربي.
انخفاض منسوب المياة في ذلك النهر يعني انخفاض مباشر في الخلوص الأرضي للسفن وصنادل الشحن النهري – وبناءاً عليه تحديد قدرتها في شحن البضائع حتى لا تشحط في قاع النهر.
وفي يوم 16 أغسطس الماضي وصل الخلوص الأرضي للسفن في أكثر مناطق ألمانياً شحاً في مياة الراين وهي مدينة كاوب إلى 36 سم فقط وهو ما يجعل عملية الشحن غير مربحة اقتصادياً لشركات الشحن التي تستلزم 40 سم من الخلوص الأرضي لصنادل الشحن لكي لا تخسر فقط دون تحقيق مكاسب.
جدير بالذكر أنه في حال وصول الخلوص الأرضي للسفينة أو الصندل النهري إلى 30 سم فهذا معناه بأن السفينه / الصندل لن يستطيع المرور إلا بما يقارب 10% فقط من طاقتة الاستيعابية في النهر حتى لا يشحط.
وبناءاً عليه فقد ارتفعت الأسعار في ألمانياً خصوصاً وفي أوربا عموماً بأشكال جنونية. فقد وصل سعر شحن طن البضائع عن طريق النهر من روتردام في هولندا إلى كارلسروه في ألمانيا إلى ما يقارب من 96 يورو للطن بعد أن كان من شهرين فقط حوالي 20 يورو للطن بزيادة تقدر بخمسة أضعاف القيمة.
وأثر ذلك على نقل الفحم لمحطات توليد الطاقة فأصبح سعر الميجا وات ساعه يقارب ال 490 يورو في 16 أغسطس الحالي في حين كان أقل من 200 يورو منذ شهرين فقط في يونيو.
بدائل الشحن النهري:
قد يرى البعض أن هناك بدائل للشحن النهري ولنأخذ على ذلك مثالاً
1- النقل عن طريق السكك الحديدية
يبدو أن خيار النقل عن طريق السكك الحديدة هو الاختيار الأكثر مناسبة لاستبدال الشحن النهري ولكن الواقع في ألمانياً تحديداً يعكس خلاف ذلك حيث نجد أن منظومة السكك الحديدية الألمانية مثلاً من أكثر منظومات السكك الحديدة في أوربا ازدحاماً وهي في الأساس قبل حدوث تلك الأزمة قد وصلت إلى أعلى معدل لاشغالها – وذلك لهوس الألمان المفرط برفع إنتاجية الأنظمة الحالية وعدم تشييد منظومات جديدة لا حاجة لهم في الوقت الحالي بها. وعليه فإن السياسة الألمانية وإن كانت حكيمة في تقليل النفقات فإنها قد خانتها في وقت الأزمات الغير متوقعه وأصبح خيار الشحن البري عن طريق قطارات البضائع غير متاح لهم.
2- النقل عن طريق الشاحنات
نعم إنها ألمانيا بلد المرسيدس بنز والماكينات العملاقة وأساس الصناعات الثقيله ولكن ماذا لو أخبرتك بأن صندل نهري واحد يحتاج إلى حوالي 110 شاحنة ضخمة لتفريغ شحنته هل هذا كافي ليردعك عن التفكير في مثل هكذا حل؟
فلنقل إنها اجراءات اضطرارية وسوف تتحمل الحكومة الألمانية تلك النفقات وازدحامات الطرق المتوقعه فسوف تظهر لنا مشكلة أخرى أكثر تعقيداً حيث تعاني ألمانياً من عجز عام بعدد سائقي الشاحنات يقدر بحوالي 80 ألف سائق شاحنة – معظمهم كان من الأوكران الذين رجعوا لبلادهم فور اندلاع الحرب فيها.
مما سبق يتضح لنا حجم المأزق الذي وقعت به أوربا بشكل كامل وألمانيا تحديداً وأنها لن تخرج منه بسهولة – المشكلة الحقيقية ليست في ألمانيا – المشكلة تكمن في الصناعات الألمانية وبخاصة صناعات الكيماويات والمعدات الثقيلة التي إن توقفت ربما يتعرض العالم لمجاعة لم تسبق في تاريخ البشرية.
فلا يجب أن ننخدع – نحن البشر الآن نعيش على كميات من المحاصيل أكبر مما يمكن أن تمدنا به الأرض بالطرق الطبيعية ولا بد من وجود الأسمدة والمعدات الثقيلة وأنظمة توريد البضائع والنقل والشحن النهري والبحري لكي يصل الغذاء إلى الناس.
وأنت يا عزيزي ماذا تعتقد سوف يحدث إن تمكنت هذة الأزمة الطاحنة من ألمانيا ودول أوربا؟ يسعدني تلقي تعليقاتكم وآراءكم المختلفة.