القرارات الخاطئة – آه نعم وكم أكثرها في حياة الفرد والمجتمع!

يبدو عنوان المقال للوهلة الأولى ضرب من ضروب الجدال – فالقرارات الخاطئة من اسمها هي شيء خاطئ يجب تجنبه وعدم تكرارة!

يجب ألا نتحدث عنها أصلاً بل يجب ألا نذكرها حينما نذكر نجاحاتنا وإنجازاتنا.

للوهلة الأولى قد يبدو ذلك الحديث مستساغاً لدى البعض منا. قد يغرية ذلك بعرض أفضل ما يمكن عرضة ومحو أسوء ما أنتجة بغية أن يذكرة الناس أو التاريخ بالخيرية والنجاح.

وفي الحقيقة هذا نادراً ما يكون الواقع. ففي حياة البشر عموماً وصانعي القرار خصوصاً تحدث العديد من التقلبات التي تعتمد اعتماداً وثيقاً على مجموعة متغيرات قد لا يكون لك فيها أي دخل وقد تكون أنت كل السبب في حصولها.

فعلى سبيل المثال لا الحصر قد تقرر دراسة شيء أنت لا تحبه لتجد نفسك فجأة مطالب بالعمل في مجال لا تحبه.
قد تأخذ قراراً ما في عملك خاطئ في وقته تماماً حتى وإن كان ناجحاً في وقت مغاير لذاك الوقت.

تتراوح الأخطاء ما بين صغير جداً مثل أنك قد شرعت في قراءة كتاب منخفض الجودة أضعت فيه وقتك لكبير جداً قد أنهيت به حلماً وأفسدت به مشروعاً ناجحاً.

وعلى كل حال فالخطأ طبيعة ملازمة للبشر… كل البشر. والتملص منها ما هو إلا ادعاء للفضيلة. فالأنسب والأصلح لنا دائماً هو تدارك الأخطاء بشكل سريع والاستفادة منها.

لكن لم ذكرت الشطرنج في حديثي؟ ولم الشطرنج تحديداً؟

في الواقع عزيزي القارئ فإن الشطرنج لعبة استراتيجية تكتيكية بامتياز وهي أحد الألعاب النادرة التي تمتزج بها الاستراتيجية ( الخطط بعيدة الأمد ) مع التكتيك ( اقتناص الفرص السانحة ).

وفي كثير من الأحيان يجد بعض لاعبي الشطرنج المخضرمين أنفسهم في موقف سيء بعد قيامهم بلعب نقلة كانت في نظرهم وقت أن لعبوها أقوى نقلة ولكن رد خصومهم أثبت لهم قصر نظرتهم وضعف تخطيطهم.

هنا في تلك اللحظة بالتحديد يعرض عليك خيارين لا ثالث لهما. إما أن تتراجع عن خطأك وتعترف به أو تتمادى فيه لمحاولة اثبات أنك كنت على صواب من البداية.

غالباً الاعتراف بالخطأ شيء مؤلم للغاية فهو يؤذي كبرياء النفس ويجرحها بشكل مباشر. ولكن تلك هي الحياة عموماً والناجحين فقط هم من يستطيعون ترويض كبريائهم.

وغالباً أيضاً ما يكون أفضل قرار في ذلك الموقف هو التراجع عن القرار الخاطئ الأول حتى وإن اشتمل ذلك على اعتراف ضمني بالفشل.

فالفشل قصير الأمد عزيزي القارئ هو ضرب من ضروب النجاح. نجاح على عدة أصعدة أهمها إدراكك للمشكلة وترويضك لكبريائك ومن ثم اتخاذك قراراً بالتغيير.

وعليه فإن فن التراجع عن القرارات الخاطئة أياً ما كانت يكمن في عنصرين اثنين لا ثالث لهما من وجهة نظري المتواضعة بالطبع.

  1. إدراك الخطأ وإدراك كيفية حدوثة بالضبط وأوجة القصور التي أدت إليه.
  2. سرعة التراجع عنه واتخاذ كل ما يلزم لتصحيح المسار مع التعلم من التجربة.

انظر حولك تجد العديد من الناجحين فلو قدرنا أن هناك شخصاً ما وصل إلى ذروة نجاحة تلك بدون أخطاء فذلك قدر محض وحظ سعيد تمتع به ليس إلا.

فلكي تتذوق حلاوة النجاح لابد من تجرع كأس الفشل مراراً وتكراراً.

ولكي تدرك أنك ناجح لا بد أن تدرك كنه الفشل وطبيعته.

وتلك أمور لا تغنيك عنها المحاضرات النظرية ولا سابق معرفة نظرية لك بها. فإن الواقع دوماً ما يفرض نفسه علينا من خلال التجارب الشخصية.

هذا كان ما في جعبتي عن ذلك الموضوع. وأتمنى أن أكون قد أفدتكم ولكم سوف أكون سعيداً إن شاركتموني آرائكم حولة.

دمتم بخير.